سورة غافر - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (غافر)


        


{وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)}
قال: {أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرشاد} فأجمل لهم، ثم فسر فافتتح بذم الدنيا وتصغير شأنها؛ لأنّ الإخلاد إليها هو أصل الشرّ كله، ومنه يتشعب جميع ما يؤدي إلى سخط الله ويجلب الشقاوة في العاقبة. وثنى بتعظيم الآخرة والاطلاع على حقيقتها، وأنها هي الوطن والمستقرّ. وذكر الأعمال سيئها وحسنها وعاقبة كل منهما، ليثبط عما يتلف وينشط لما يزلف، ثم وازن بين الدعوتين: دعوته إلى دين الله الذي ثمرته النجاة، ودعوتهم إلى اتخاذ الأنداد الذي عاقبته النار، وحذر، وأنذر، واجتهد في ذلك واحتشد، لا جرم أن الله استثناه من آل فرعون، وجعله حجة عليهم وعبرة للمعتبرين، وهو قوله تعالى: {فَوقَاهُ الله سَيّئَاتِ مَا مَكَرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوء العذاب} وفي هذا أيضاً دليل بيّن على أن الرجل كان من آل فرعون. والرشاد نقيض الغي. وفيه تعريض شبيه بالتصريح أنّ ما عليه فرعون وقومه هو سبيل الغي.


{مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)}
{فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا} لأنّ الزيادة على مقدار جزاء السيئة قبيحة، لأنها ظلم. وأما الزيادة على مقدار جزاء الحسنة فحسنة؛ لأنها فضل. قرئ: {يدخلون} و {يدخلون} {بِغَيْرِ حِسَابٍ} واقع في مقابلة إلاّ مثلها، يعني: أن جزاء السيئة لها حساب وتقدير، لئلا يزيد على الاستحقاق، فأما جزاء العمل الصالح فبغير تقدير وحساب، بل ما شئت من الزيادة على الحق والكثرة والسعة.


{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42)}
فإن قلت: لم كرر نداء قومه؟ ولم جاء بالواو في النداء الثالث دون الثاني؟ قلت: أما تكرير النداء ففيه زيادة تنبيه لهم وإيقاظ عن سنة الغفلة. وفيه: أنهم قومه وعشيرته وهم فيما يوبقهم، وهو يعلم وجه خلاصهم، ونصيحتهم عليه واجبة، فهو يتحزن لهم ويتلطف بهم، ويستدعي بذلك، أن لا يتهموه، فإنّ سرورهم سروره، وغمهم غمه، وينزلوا على تنصيحه لهم، كما كرر إبراهيم عليه السلام في نصيحة أبيه: {يا أبت}. وأما المجيء بالواو العاطفة، فلأن الثاني داخل على كلام وهو بيان للمجمل وتفسير له، فأعطى الداخل عليه حكمه في امتناع دخول الواو، وأما الثالث: فداخل على كلام ليس بتلك المثابة. يقال: دعاه إلى كذا ودعاه له، كما تقول: هداه إلى الطريق وهداه له {مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ} أي: بربوبيته، والمراد بنفي العلم: نفي المعلوم، كأنه قال: وأشرك به ما ليس بإله، وما ليس بإله كيف يصحّ أن يعلم إلها.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11